نصف دستة محمول!.

تم نشرها في

دونما فائدة أحاول إيقاظ هاتفي المحمول (نوكيا 3510i) من سبات بطاريته العميق وأنا أشير لأحد سيارات الأجرة المتجهة إلى التحرير لأستقلها ذاهبا إلى المكتب حيث اتفقنا أن نجتمع لنذهب جميعنا إلى السينما ...

نجحت محاولاتي أخيرا بعد أن استقر بي المطاف على الكنبة الأولى بجوار الباب، فرفعت عيني من على هاتفي لأستوعب للمرة الأولى أن الفتاة التي بجواري قطعة من القمر.. شعر ذهبي داكن لامع في الوقت ذاته مسترسل حتى الخصر منها، ووجه يكاد يلمع مع إضاءة كل عامود إنارة خارج السيارة، وملابس تنم عن ذوق رفيع المستوى..

على يسارها فتاة عادية، ترتدي حجابا "مودرن" أو "spanish" كما يطلق عليه في هذا الزمن، ثم توقفت العربة لتركب "واحدة ست" من عينة "أم محمد مرات البواب" في المقعد الأمامي وبهذا تكتمل العربة، ومعها عناصر هذه التدوينة!!

بعد دقيقتين من الانطلاق يرن هاتف "أم محمد" بمقطوعة موسيقية راقية جدا عندما انتبهت لها غرقت في الضحك، ولاحظت الفتاة التي بجواري تندهش ثم لم تلبث أن أدركت سر غرقي فضحكت ضحكة عذبة هي الأخرى، لتنهي "أم محمد" الضحك بالضغط على زر "ok"!!

  • أيوة ازيك يا .... (لم أستطع سماع الاسم ولم يكن يعنيني في الواقع)

ثم تستمر المحادثة بانفعال شديد جعل كل من في العربة يستمع بإنصات أكثر شدة:

  • بس هي اتصلت بيه وهو عندي علشان توقع ما بيننا، وانتشي عارفة إن أخلاقي ما تسمحشي بكده! (الأخطاء الإملائية مقصودة... هكذا نطقتها.. أو تهيأ لي)

قطع انتباهي رنين هاتفي فالتفتت إليه متوسلا إياه أن يصمد لإنهاء المكالمة وبذل هو قصارى جهده (أنا أشعر به) ولكن المسكين لم يستطع، فاعتذر مني برسالة مهذبة "battery empty" وعاد لسباته.. فتركته يستريح حتى نصل سويا إلى وجهتنا وساعتها أعد له وجبته من الكهرباء..

وفجأة انطلقت نفس نغمة محمولي، فنظرت إليه مندهشا ثلم لم ألبث أن استوعبت أن هاتف القمر، أقصد الفتاة هو صاحب هذه الضجة اللطيفة، وعلى عكس "أم محمد" ضغطت هي على زر "cancel" وعاودت الاتصال بالرقم الظاهر على شاشتها:

  • ألو، ازيك يا نيفين؟
  • ...... (لم أسمع صوت محدثها بالطبع!)
  • اوكي أنا خلصت شغل ومروحة وأول ما أوصل هأ....
    لم أستمع لبقية المكالمة، فقط استمتعت بعذوبة الصوت ورقي الأسلوب، اللذان جعلاني أوقن أنها "بنت ناس أوي"...

أغلقت هاتفها، ليرن هاتف جارتها "أم حجاب Spanish" بأغنية "وبيننا معاد" لعمرو دياب..

  • أيوة يا حبيبي، ازايك؟!
  • ........... (والله لم أسمعه أيضا)
  • ضحكة حاولت هي أن تكون أنثوية عذبة ولكنها امتزجت رغما عنها بقدر غير قليل من الرقاعة!
  • .............
  • يحمر وجهها غضبا وكأنه لكمها خمسة لكمات سويا
  • .............
  • تعود لتبتسم وتقول : أوكيه يا حبيبي، بكرة نتقابل

لم تكد تنتهي حتى انطلقت نغمة يعرفها الشعب المصري جيدا تصدر من هواتف النوكيا (3310) معلنة وصول رسالة لأحد الأشخاص في الخلف تتبعها فترة صمت (يبدو أنه يقرأ الرسالة) لتنطلق ضحكة طويلة من الشاب صاحب العدة (عرفت من صوته أنه ذكر) تتبعها :

  • ماشي يا ابن الـ(تيـــــــــت) ـ لما أشوف والدتك (هو استخدم لفظ تاني الصراحة!)..

ساد جو من الهدوء لنكتشف جميعا أن "أم محمد" لا زالت تتحدث!

  • بس زي ما قلت لك هي قاصدة توقع بيننا .. وحياة النبي أنا ما رضيتش أرد عليها ولا أبعتلها أخويا يمرمط بكرامتها الأرض علشان خاطرك،

ولأن السائق كان مطلقا لحيته لم أتعجب كثيرا عندما انطلق صوت محمد حسين يعقوب من هاتفه مخبرا إياه أن أحدهم تجرأ واتصل!

يرفع سائقنا عدته ويرد على محدثه :

  • سلامو عليكو
  • .........
  • ازايك يا رمضان؟
  • .........
  • طيب بص انا قدامي نص ساعة ساعة إلا ربع ونتقابل في الطوابق
  • .........
  • طيب ماشي عارف هنتقابل فين في الطوابق.. ألووو ألووووو

يبدو جليا أن الاتصال انقطع، فيقوم السائق بالاتصال بالرقم الذي حدثه منذ قليل

  • سلامو عليكو، بأقول لك ايه اديني الراجل اللي لسة مكلمني دلوقني
  • .........
  • يا عم الراجل اللي لسة طالب الرقم دلوقتي
  • ............
  • هو سواق اسمه رمضان، ناديه بس
  • ...........
  • يا عم انده بس عليه
  • .............

وينهي اتصاله الذي دام دقيقتان ونصف الدقيقة تقريبا دون أن يصل لرمضان الذي يريد..

أنتبه أن محطتي جاءت فأسرع بطلب النزول من السائق :

  • يمينك هنا يا اسطى لو سمحت

ولهول المفاجأة وأنا أنزل سمعت "أم محمد" لا تزال تقول :

  • بس هي اتصلت بيه وهو عندي علشان توقع ما بيننا، وانتشي عارفة إن أخلاقي ما تسمحشي بكده! (الأخطاء الإملائية مقصودة... هكذا نطقتها.. وأنا الآن متأكد)..

أستأذنكم حتى أشحن هاتفي، فلدي الكثير من المكالمات المهمة، فاليوم لا يزال حافلا..


  • أحداث هذه التدوينة حقيقية، وكل هذا حدث قبل يومين من عيد الأضحى المبارك (الليلة التي قبل وقفة العيد مباشرة)...

** الصورة هي أحد صورنا في فرح ياسمين